هذه التدوينة نُشِرَت على موقع الجزيرة توك بتاريخ 28/7
وَضَعت بعض الياسمين فى طبقٍ من الماء
هكذا إعتاد أن يفعل كل صُبحٍ بعد أن يتجوّل فى الحديقة المجاورة للمنزل
وضعت الإناء على مكتبه حتى تتعطّر الغرفة كانه موجودٌ تماماً
الجو غاية فى الحرّ
تُرى إلى مدىً وصل الآن ؟
ماذا يفعل فى موقِعه الساخِن هذا بجانب سخونة هذا الجو
كادت الدمعات تفرّ من عينيها لولا أنها رفعت من صوت قِراءة الشيخ
لتهدأ وتطمئِنّ
**
كان جالساً بخلفية عربى نصف نقل مع عددٌ من الشباب الذين يُشابِهوه شكلاً ومضموناً وهدفاً
يُتَمتِم ببعض الأياتيًطمئِن ذاته ويهدىء من روعها
يمسح بالشال الذى يربطه على جبينه بعض قطرات العرق التى إنحدرت على جانبى وجهه
يتأمل الدمار حوله .. بينما العربة فى طريقها تسير .. يزداد إيمانا واحتساباً
تتغير الايات تتدريجياً على لسانه إلى أدعية وحَسبَنات على الظالمين
ورجاءٌ بالفَرج والنُصرة
**
سلّمت وجهها يُمنةً ويُسرى
وطوَت سِجّادة صلاتِها .. ثم جلست ورفعت يديها
وكان هو / هم .. فقط محور دُعائها
**
توقفت السيارة وما تبعها من ثلاث سياراتٍ أخر
كُلٍ تحمِل ما يتراوح بين الخمسة عشر إلى العشرون رجلاً
وكلٍ منهم يحمل بندقيةً أو رشاش على كتف .. وعمر ودعاء أحِبةٍ على الـ كتف الأُخرى
نظراتهم .. وخطواتهم .. وكلامهم القليل
يعرفون لماذا جائوا هنا
و ماذا سيفعلون لاحقاً
ترى الإيمانُ ينبض فى ملامِحِهم
**
نزعَت سلك هاتفها حتى يكفّ عن زلزلتها كلما رنّ بإلحاح المُتطفّلين والمُساندين والمُشجعين واللائمين وغيرهم
فتحت شُرفتها على مصرعيها
نظرت بعيد .. بعيد .. إلى حدّ السماء
علّها تتجاوز ساعة فارِق التوقيت بين محلّها ومحلّه
ترى هل مازال ..؟ أم إرتفع ..؟
إقشعرّت بإرتعاشة لم تفارقها فـ بَكَت**
كان الرصاص على أشُدَّه لحظتها
لم يكن يستوعب أن الفارِق بين الواقِع و ما يُعرَض فى شريط العاجِل فارِقٌ شاسِع إلى هذا الحَد
فكَّر فى خِضَّم الإشتباكات كم ان القنوات الإخبارية تختَزِل الواقِع وفداحته فى تقريرٍ قصير مهما طال لا يُعبِّر عما يحدث بالفعل
**
تُغلِق التلفاز .. تقول فى نفسِها
" هذا الكدر من الصورة لا يحمِل إبنى بين طياته "
" الصورة منقوصةً مخذولة "
**
لأول مرةٍ يُجرِّب الأمر فى نطاق ما يتجاوز علامات الإستهداف الكرتونية والزجاجات المتراصّة كـالـ نَشَان
فقد أطلق قنبلة بمدفعه فى إتجاه مصدر النيران المفتوحة عليهم
..
إنفجار !
..
دوىٍ مرتفع !
..
" الله أكبر .. الله أكبر "
كانت تجربته الأولى .. وهدفه الأول .. صائبا
**
يارب اللهم لك الحمد حتى ترضى .. ولك الحمد إذا رضيت .. ولك الحمدُ بعد الرضا
يارب برحمتك وقدرتك أنصرهم وردَّهم إلينا سالمين منتصرين إن شاء الله
**
سقط زميله برصاصة فى العُنُق
رددّ الشهادة مراراً حتى ظنّه لن يموت .. ولكن روحه إرتفعت إلى البارئ لتزداد الأرض خصوبة بدماءه ولِتُزكّى روح المقاومة بينهم
دمعت عيناه بالغضب والإصرار .. وإنتفتضت عزيمةً بدُعاءِ أُمِّه الذى وصله رغم كَم الدمار والغُبار الظالِم فى هذا الهواء
..
لحظة إن أردنا تسجيلها على ساعةٍ رقمية ستبدوا بأنها إختلافٍ بين رقمٍ ورقم فى عدّاد الثوان
ولكنها كانت لحظةً بدهر .. هكذا مرَّت عليه
تساقُط زملاءه عن يمينه ويساره
صوت المدفعيّة الموجهة صوبهم كما لوا كانوا بناياتٍ ضخمةٍ لا أفراد جيشٍ .. حُرّ !
إمتزجَت دمعاته بعرقه وبـ دم الصديق الذى مسح على وجهه
إرتكن بظهرِه يرتعش يكادُ يبكى بصوتٍ عالٍ من الخوف
خوف الشجعان حين يسبق صحوة البسالة
تأكد من مشط الرصاص برشّاشه .. ليس بكثيرٍ تبقّى هناك
تماسَك
وكبح دمعه
يكاد يكون قد وبَّخ نفسه على هذا الذعر الذى تسرب إليه من ثقوب الرصاصات الكثيرة التى أُطلِقَت صوبه منذ وطأ هذه الأرض
تذكَّر كمن يُعيد شَحن طاقته كلمات أمه الأخيره له
" عُد مُنتصراً بُنى "
" إنتَصِر وإن لم تَعُد "
يمسحُ على سلاحه الذى نظّفته له
يتشبّت بما بقى من رصاصٍ فى خزينته
علّها تكون إحدى الرصاصات التى لمست يدها .. بينما كانت تُعِدُّه للرحيل
كل هذا الزخم الشُعورى تجاه كل ما آحَبَ يوماً
والدته .. بلده الأول .. حديقته .. ياسمين كل صباح .. إبنة الجيران .. سوريا .. قرار الحرب و الرحيل
البُندقية الأولى .. طلقة الرصاص الأولى .. أول رفيقٍ شهيد
العدو الظالِم
الوطن الواحِد
.. الله
.. الله
" الله أكبــــــر !!! "
قام يزأر كمن يهجُمُ على فريسةٍ سهلة
مُفرِغاً رشّاشه فى جنود النِظام
***
مدّت يدها إلى قلبِها وإبتسمت
بينما إنهمرت شلّالاتِ الدمع من عينيها مُردِّده
" الله أكبر الله أكبر "
وَضَعت بعض الياسمين فى طبقٍ من الماء
هكذا إعتاد أن يفعل كل صُبحٍ بعد أن يتجوّل فى الحديقة المجاورة للمنزل
وضعت الإناء على مكتبه حتى تتعطّر الغرفة كانه موجودٌ تماماً
الجو غاية فى الحرّ
تُرى إلى مدىً وصل الآن ؟
ماذا يفعل فى موقِعه الساخِن هذا بجانب سخونة هذا الجو
كادت الدمعات تفرّ من عينيها لولا أنها رفعت من صوت قِراءة الشيخ
لتهدأ وتطمئِنّ
**
كان جالساً بخلفية عربى نصف نقل مع عددٌ من الشباب الذين يُشابِهوه شكلاً ومضموناً وهدفاً
يُتَمتِم ببعض الأياتيًطمئِن ذاته ويهدىء من روعها
يمسح بالشال الذى يربطه على جبينه بعض قطرات العرق التى إنحدرت على جانبى وجهه
يتأمل الدمار حوله .. بينما العربة فى طريقها تسير .. يزداد إيمانا واحتساباً
تتغير الايات تتدريجياً على لسانه إلى أدعية وحَسبَنات على الظالمين
ورجاءٌ بالفَرج والنُصرة
**
سلّمت وجهها يُمنةً ويُسرى
وطوَت سِجّادة صلاتِها .. ثم جلست ورفعت يديها
وكان هو / هم .. فقط محور دُعائها
**
توقفت السيارة وما تبعها من ثلاث سياراتٍ أخر
كُلٍ تحمِل ما يتراوح بين الخمسة عشر إلى العشرون رجلاً
وكلٍ منهم يحمل بندقيةً أو رشاش على كتف .. وعمر ودعاء أحِبةٍ على الـ كتف الأُخرى
نظراتهم .. وخطواتهم .. وكلامهم القليل
يعرفون لماذا جائوا هنا
و ماذا سيفعلون لاحقاً
ترى الإيمانُ ينبض فى ملامِحِهم
**
نزعَت سلك هاتفها حتى يكفّ عن زلزلتها كلما رنّ بإلحاح المُتطفّلين والمُساندين والمُشجعين واللائمين وغيرهم
فتحت شُرفتها على مصرعيها
نظرت بعيد .. بعيد .. إلى حدّ السماء
علّها تتجاوز ساعة فارِق التوقيت بين محلّها ومحلّه
ترى هل مازال ..؟ أم إرتفع ..؟
إقشعرّت بإرتعاشة لم تفارقها فـ بَكَت**
كان الرصاص على أشُدَّه لحظتها
لم يكن يستوعب أن الفارِق بين الواقِع و ما يُعرَض فى شريط العاجِل فارِقٌ شاسِع إلى هذا الحَد
فكَّر فى خِضَّم الإشتباكات كم ان القنوات الإخبارية تختَزِل الواقِع وفداحته فى تقريرٍ قصير مهما طال لا يُعبِّر عما يحدث بالفعل
**
تُغلِق التلفاز .. تقول فى نفسِها
" هذا الكدر من الصورة لا يحمِل إبنى بين طياته "
" الصورة منقوصةً مخذولة "
**
لأول مرةٍ يُجرِّب الأمر فى نطاق ما يتجاوز علامات الإستهداف الكرتونية والزجاجات المتراصّة كـالـ نَشَان
فقد أطلق قنبلة بمدفعه فى إتجاه مصدر النيران المفتوحة عليهم
..
إنفجار !
..
دوىٍ مرتفع !
..
" الله أكبر .. الله أكبر "
كانت تجربته الأولى .. وهدفه الأول .. صائبا
**
يارب اللهم لك الحمد حتى ترضى .. ولك الحمد إذا رضيت .. ولك الحمدُ بعد الرضا
يارب برحمتك وقدرتك أنصرهم وردَّهم إلينا سالمين منتصرين إن شاء الله
**
سقط زميله برصاصة فى العُنُق
رددّ الشهادة مراراً حتى ظنّه لن يموت .. ولكن روحه إرتفعت إلى البارئ لتزداد الأرض خصوبة بدماءه ولِتُزكّى روح المقاومة بينهم
دمعت عيناه بالغضب والإصرار .. وإنتفتضت عزيمةً بدُعاءِ أُمِّه الذى وصله رغم كَم الدمار والغُبار الظالِم فى هذا الهواء
..
لحظة إن أردنا تسجيلها على ساعةٍ رقمية ستبدوا بأنها إختلافٍ بين رقمٍ ورقم فى عدّاد الثوان
ولكنها كانت لحظةً بدهر .. هكذا مرَّت عليه
تساقُط زملاءه عن يمينه ويساره
صوت المدفعيّة الموجهة صوبهم كما لوا كانوا بناياتٍ ضخمةٍ لا أفراد جيشٍ .. حُرّ !
إمتزجَت دمعاته بعرقه وبـ دم الصديق الذى مسح على وجهه
إرتكن بظهرِه يرتعش يكادُ يبكى بصوتٍ عالٍ من الخوف
خوف الشجعان حين يسبق صحوة البسالة
تأكد من مشط الرصاص برشّاشه .. ليس بكثيرٍ تبقّى هناك
تماسَك
وكبح دمعه
يكاد يكون قد وبَّخ نفسه على هذا الذعر الذى تسرب إليه من ثقوب الرصاصات الكثيرة التى أُطلِقَت صوبه منذ وطأ هذه الأرض
تذكَّر كمن يُعيد شَحن طاقته كلمات أمه الأخيره له
" عُد مُنتصراً بُنى "
" إنتَصِر وإن لم تَعُد "
يمسحُ على سلاحه الذى نظّفته له
يتشبّت بما بقى من رصاصٍ فى خزينته
علّها تكون إحدى الرصاصات التى لمست يدها .. بينما كانت تُعِدُّه للرحيل
كل هذا الزخم الشُعورى تجاه كل ما آحَبَ يوماً
والدته .. بلده الأول .. حديقته .. ياسمين كل صباح .. إبنة الجيران .. سوريا .. قرار الحرب و الرحيل
البُندقية الأولى .. طلقة الرصاص الأولى .. أول رفيقٍ شهيد
العدو الظالِم
الوطن الواحِد
.. الله
.. الله
" الله أكبــــــر !!! "
قام يزأر كمن يهجُمُ على فريسةٍ سهلة
مُفرِغاً رشّاشه فى جنود النِظام
***
مدّت يدها إلى قلبِها وإبتسمت
بينما إنهمرت شلّالاتِ الدمع من عينيها مُردِّده
" الله أكبر الله أكبر "
لم أجد كلمات أعلق بها ..
ردحذفنَصر الله المظلوم على الظالم
النصر لسوريا
و النصر لفلسطين
و النصر لكل الشعوب المستضعفة
تعجز كل الكلمات عن التعبير
مع أن المشاعر تجتاحني :(
الأمل في النصر
مختلطا بالحزن على الشهداء
اللهم انصرهم أو ألحقنا بهم
آمين
حذفشكرا
ردحذف