31‏/08‏/2012

أضغاثُ فوضى





طبقاتٍ من تُراب تراكمت فوق الشراشف
المقاعد سقط عن الأرض فوقعت مُستلقية على جانبها الايسر ..
 المقاعِد مثلنا تماما ,, تهاوت عن نفسها
ولا شىء جديد فى ذلك.. إنها الفوضى المُعتادة ..وفقط

ذلك الدمار والفَقد الكامِل للمعانى والأشياء والمنطقية هو داخل داخل عقلك الآن
ولكنك بالسذاجه التى لم تُمهِلُك منفسا أو جفلة تلحظ فيها رائحة الأشياء المُبعثرة تيها فى كل رُكٍن وزاوية

أنت تنظر بعينٍ يختبىء ورائها كل شىء قبيح  كما يتوارى التراب المكنوس أسفل طرف السجادة البالية
الأرضية مازالت وَسِخة .. وكذلك منظورك للأشياء


وجهك الممحية ملامحة إلا من غُبار وجه قديم
لا شىء جديد قلت لك .. إنها فقط فوضى
إنها الفوضى ولا "فقط"

لا تحمل سوى جبين عريض وذقنٍ مُشذّبة
لا أنف .. لا عين حقيقية .. ولا كلام
فقط لا شىء
أنت لست هُنا
إنك العدم
يرتدى بذلة سموكن ويضع عِطر "لو سيجار"
ولكنّى أُحدِّثُك رغم لا وجودك
أنا أقرب الناس إلى لا منطقيتُك .. إلى لا واقعيتُك
أُحدِّثُك مليًّا
وأنتظر سيل سراب يمحى التُراب عن الشراشف كى أستطيع النوم بلا آرق
فأنام عن كينونتى الحُلُم حتى تنتابنى رؤية واقِع مُقبِضة .. تتمادى فوضويتها عن الأضغاث

رسالة إلى شاعرٍ شاب



لا تصدّقْ خلاصاتنا، وانسها
وابتدئ من كلامك أنت. كأنك
أوّل من يكتب الشعر،
أو آخر الشعراء!
إن قرأت لنا، فلكي لا تكون امتداداً
لأهوائنا،
بل لتصحيح أخطائنا في كتاب الشقاء.

لا تسل أحداً: منْ أنا؟
أنت تعرف أمّك..
أمّا أبوك... فأنت!

الحقيقة بيضاء. فاكتبْ عليها
بحبر الغراب.
والحقيقة سوداء، فاكتب عليها
بضوء السراب!

إن أردت مبارزة النسر
حلّق مَعَهْ
إن عشقتَ فتاة، فكن أنتَ
لا هي،
منْ يشتهي مصرعهْ

الحياةُ أقلّ حياة،
ولكننا لا نفكّر بالأمر،
حرصاً على صحّة العاطفةْ

إن أطلت التأمّل في وردةٍ
لن تزحزحك العاصفة!

أنت مثلي، ولكنّ هاويتي واضحة
ولك الطرق اللانهائية السرِّ،
نازلة صاعدة!

قد نُسمّي نضوبَ الفتوة نضجَ المهارة
أو حكمةً
إنها حكمةٌ، دون ريب،
ولكنها حكمة اللاغنائيّة الباردة

ألفُ عصفورة في يدٍ
لا تعادل عصفورةً واحدة
ترتدي الشجرة!

القصيدةُ في الزمن الصعب
زهرٌ جميلٌ على مقبرة!

المثالُ عسير المنال،
فكن أنت أنت وغيرك
خلف حدود الصدى

للحماسة وقت انتهاء بعيد المدى
فتحمّسْ تحمّسْ لقلبك واتبعه
قبل بلوغ الهدى
لا تقل للحبيبة: أنتِ أنا
وأنا أنتِ،
قلْ عكس ذلك: ضيفان نحْنُ
على غيمةٍ شاردة

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة

لا تصدّق صواب تعاليمنا
لا تصدّق سوى أثر القافلة
الخُلاصة، مثل الرصاصة في قلب شاعرها
حكمة قاتلة

كن قوّياً، كثور، إذا ما غضبتَ
ضعيفاً كنوّار لوز إذا ما عشقتَ،
ولا شيء لا شيء
حين تسامر نفسك في غرفة مغلقةْ

الطريق طويل كليل امرئ القيس:
سهلٌ ومرتفعات، ونهرٌ ومنخفضات
على قدر حلمك تمشي
وتتبعك الزنبق
أو المشنقة!

لا أخاف عليك من الواجبات
أخاف عليك من الراقصات على قبر أولادهنّ
أخاف عليك من الكاميرات الخفيّات
في سُرَر المطربات

لن تخيّبَ ظنّي،
إذا ما ابتعدتَ عن الآخرين، وعنّي:
فما ليس يشبهني أجملُ

الوصيُّ الوحـــيدُ علـــيك من الآن: مستقبلٌ مهملٌ

لا تفكّر، وأنت تذوب أسىً
كدموع الشموع، بمن سيراك
ويمشي على ضوء حدسك،
فكّر بنفسك: هل هذه كلّها؟
القصيدة ناقصة... والفراشات تكملها

لا نصيحة في الحبّ، لكنها التجربة
لا نصيحة في الشّعر، لكنها الموهبة
وأخيراً: عليك السلام

_______
#محمود درويش ! 

29‏/08‏/2012

صباحات قَــدس





حين تكون السماء أرجوانية .. تُبشّر بقرب شروقٍ يحمل الندى
ذلك الوقت المُقدس ..
سأوقظك
لنشهد سويا بداية يوم وعُمر من أول سطر

لا تهندم بيجامتك ولا تعيد خِصال شعرك عن جبينك
كن كما أنت .. حلما نائما يصحو
وحين أتيك بكوب الصباح .. والذى سيكون عصير رُمّانٍ أو بابونج رُقِّد بماء الزهر .. لا تشربه رشفة واحدة
رشفة .. ثم تنهيدة .. ثم رشفة .. ثم سأخبرك حينها كيف تُكمِل الكوب لآخره

عصير الرمان يُشرب على مهل  .. خاصةً فى تلك الصباحاتِ الحميمة
أما بابونج ماء الزهر .. قد نشربه سويا ونحن نرقص متشابكى الأيدى على درابزين شرفتنا

وفى أيام الإثنين والخميس
ولأننا إتفقنا على صيامها كى يذيبنا الله أكثر فى كِلانا ويرزقنا جنة ملآى بالزنابِق والعصائر والسحاب القابل للإحتضان
سنكتفى برشف الهواء ونفثه غيوما وردية مُزخرفه بأشعار رددتها علىّ حتى تنفستها

حتى أننا قد نلعب بخيالات إنعكاس أصابعنا على سماوات العُش
سأرسم طائراً بخايالاتِ الشمس
وسترسم أنت كف يد ممسكا بقرينه

ثم نمضى باقى الأيام نحلم ونلعب الغُميضة
ولا نكتفى أبدًا من الضحك

27‏/08‏/2012

عجز ودُعاء





حين يمتزجُ التُراب بالدِماء
حين تتداخل زمامير سيارات موكب العروس بـ سارين عربات الإسعاف فى شارِعنا
تكتمل سريالية المشهد بداخلى
تنطفىء شمعة غضب .. وتشتعل حديقة
ويكبر الهمُّ والذنب شيئًا فشيئًا حتى يحتلّ كل موطئ نور ممكنٍ وُجِد

ومن مُنطلق "تعذيب الذات" كما فى بعض المُعتقدات الساديّة
يكمُن التحرر من الشعور بالذنبِ والإثم تجاه الأشياء العاجِز عن تصريفها ، أو للتحرر من أى إتضهادٍ أوعجزٍ مُمكِن شعرتُ به
 يكمُن فى أن تسبب لذاتك ألمًا _ جسديًّا كان أو نفسيَّا _  يُخفِّف هذا الألم  .. الـذى إلى حدٍّ ما يُعدُّ هيِّنًا مقارنةً بـ ذلك الذنب والقهر النفسى الذى تشعر به

فكرة جنونية أليس كذلك ؟
فى الواقِع وجدت نفسى .. أنا المسلمة ،، والعديد مثلى يفعلونها

حين تُرغِم نفسك على مشاهدة صور ومقاطِع فيديو غايةً فى البشاعة
وأنت تعلمُ جيدًا وقعها على نفسك فيما بعد صدمة المُشاهدة الاولى
كوابيس .. أرق .. قىء .. إكتئابٌ حاد .. وما إلى ذلك من علامات ضعف الروح أمام الدمويّة والوحشيّة بصورها
فقط لتتخلَّص من شعورك بالذنب أنك لم تفعل شيئًا حيال الأمر

كحالتى مثلاً هُنا ... بالنسبة لـ مقاطِع الهول الواقِع فى سوريا
وما أن ينتهى الفيديو تبدأ نوبة البكاء والعويل والإبتهال لفرج الله القريب ونَصره

عزيزى يا من تفعل مثلى
لدىّ لك خبرين .. الأول سىء والثانى أسوأ

الأول يقول أنك ..
ستعتاد منظر الدم
عويلك وسيلان لعابك عليهم قهرًا .. سيقلُّ تدريجيًا .. مادام سيل الدم مستمرًا وبالتالى مقاطعه وصوره

ستعتاد وسيقسو قلبك شيئًا فشيئًا
لن تشعر بفداحة الأمر فيما بعد
سترى كل الدم سواء ..
وكل وجهٍ باكٍ من الحُرقةِ والفَقدِ والألم سيتشابه أمام عينيك

لذلك فأنت لن تجنى شيئًا بمعايشتك لواقعهم لحظاتٍ فقط لن تطول عن مُعتاد مُدة فيديو اليوتيوم المتعجِّلة نهايته
.. سوى أنك ستغدوا أقل تعاطُفاً اليوم التالى .. وأقلُّ دمعا فى دعاءك المُقبِل لهم

الخبر الثانى والأسوأ
أنك لن تتحرّر من إثمك هكذا !
مازال الذنب حِملاً ثقيلاً يقبَعُ على أنفاسك

أحدٌ أحد" لا تكفى الأن فى هذا الموقف" !
عليك أن تنتفض

إنتفض يا أيها العاجِز عن نُصرة إخوانك فى سوريا وبورما وغيرها الكثير
إنتفض يا العبد لله "إسمًا" .. والله اعلم إن كان "فعِلًا" كذلك !
قمّ
وأنصرهم بما أوتيت من مال وجُهدٍ وعمل
وإن إستطعت .. قُمّ وافديهم بدمك !

قُم وتحرر من سؤال الله لك يوم يجتمع العباد بين يديه
وتُسأل : ماذا كنت بفاعلٍ لهم ؟
هل بذلت ؟ هل سعيت ؟ هل أضفت شيئًا ؟
هل منعت قطرة دمِ واحدة عن أن تسيل ؟!
أم كنت فقط شيطانٍ أخرس؟
روحٌ جوفاء .. فارِغة .. لا تساوى شيئًا مقارنةً بمحاربين لم يبلّغوا الحُلم بعد و يحملون السلاح والكفن !

هل إكتفيت وإرتضى ضميرُك بعمل " شير، أو أعجبنى " لصور المجازر ؟
هل إكتفيت بـ تغيير صورة حسابك  _ فى أقصى الإحتمالات ليومين أو ثلاث _ بصورة طفلٍ ينام فى حضن أمه تحت الرُكام ؟!
هل كتبت خبرًا عاجلًا على تويتر فى هاشتاج #مجازر يقول أن عائلةً بأكملها نُحِرَت كالبعير ؟
هل شاهدت فيديو من بين الآلاف غيره يُضرب فيه شائب وقور بأخذية مُلطخة بالنجس ثم يُدفن حيًّا ؟
هل مازال الذنب يأكل باطِنك ؟ هل طالت ليستة مشاهداتك اليوم عن الليلة الماضية ثم قُمت بعدها وجنتاك تقطر دمعا ودما تضرب الحائط بقبضةٍ من غضب سيزول على منتصف اليوم التالى  ؟

هل إكتفيت ؟ هل إرتضيت ؟
هل دمعت عيناك ؟ هل بكيت ؟
هل زاد إيمانُك بالله ؟
هل ذكرت هذا الكم من الوجع وقِلّة الحيلة فى كل سجود ؟

أيها العاجِزُ مثلى عن فِعل الكثير .. إدعو لهم وللمستضعفين فى الأرض
سلّ الله أن يغفِر تقصيرنا ولا يؤاخذنا بعجزنا
الدُعاء أضعفُ الايمان الآن

و..
{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

26‏/08‏/2012







داريا 25-8-2012 >>> أسماء ابو اللبن استشهدت برصاص قناصة



في حضرة الدم يخجل الحبر ويتراجع


اللهم إنا مغلوبون فانتصر 

اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوَّتنا وقِلَّة حيلتنا وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين،

أنت رب المستضعفين وأنت ربنا إلى من تكلنا ؟ إلى عدو يتجهّمنا أم إلى بعيدٍ ملَّكتَهُ أمرنا؟

إن لم يكن بك غضبٌ علينا فلا نبالي، ولكن عافيتك أوسع لنا

اللهم إن نشكو لك ما حل بالحولة وأطفالها ونسائها وشبابها وشيوخها

اللهم إنا نشكو لك ما حلّ بدير الزور وأطفالها ونسائها وشبابها وشيوخها

اللهم إنا نشكوا لك ما حلّ بداريا وبأطفالها ونسائها وشبابها وشيوخها

اللهم إنا نشكوا لك ما حلّ بأريحا وبأطفالها ونسائها وشبابها وشيوخها

اللهم إنّا نشكوا لك ما حلّ بإدلب وبأطفالها ونسائها وشبابها وشيوخها

اللهم إنا نشكوا لك ما حلّ بدمشق وبكل شبر بأرض سوريا ونشكوا لك كل ظُلمٍ نزل على كل روح خلقتها هُناك وإستُضعِفَت بغير حق

اللهم يا مُنزِّل الكِتاب ويا مُجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازِم الأحزاب إهزم جُند الأسد وشبيحته القتلة المجرمين وانتقم منهم وممن ساندهم ووالهم وممن شابههم وأنزل غضبك عليهم فى الدنيا والآخرة وآرنا فيهم عجائب قدرتك وعظيم غضبك وجبروتك .. يارب آمين آمين آمين
 



24‏/08‏/2012

لا لن أشرب القهوة الأن



لا .. لن أشرب القهوة الآن
هذا المزاج الغير مكتمل لن يتناسب والقهوة ..
القهوة كفستان سهرةٍ أسود … عليه أن يكون فى موضِعهُ الصحيح ليكتمِل


شاى بلبن .. تمااام .. وملعقةِ سُكَّر أو سُكْر .. أيهم سيتلائم
…..
جريدة صفراء .. ستترك وسخها الأسود على عقلى قبل يدىّ !
….
 وأمضى بداية يومى كما أشتهى ~



… آه بالمناسبة 
سأقرأ لغسّان كنفانى اليوم ..
سأترك رواية البارِحة ليوم آخر .. … مزاجى اليوم يهفو لـ غسّان !  ♥

زمن الـ بينُ بين





ذلك الوقت الهجين .. لا هو بالصباح ولا بالمساء ..بينُ بين ..
تتراكم فيه غيوم الروح .. وتتآمر على الجسد المُرهَق المُستجديِ لغفوةِ حُلم
….. لا نوم يحلّ .. ولا بكاء يخفف كثافة السماء الرمادية عن القلب

… إنهاك من فناجين قهوة علّقتنى على أعتاب غفوٍ ونشوة يقظة
.. إشتياق ما .. وكلماتٍ متعففة عن  البوح قد تملأ جدران السماوات السبع ولا تهدأ او تكتفى
……. كم أريد أن أنام
وكم أريد أن أقابل درويش الآن !
لأملأ به روحى الناقصة أشياءً والمُبالغة بـ أشياء

تحلُّ الرحمة الإلهية آخيرا
ويتثاقل جفن ويغمض آخر
بينما العقل مازال فى خلجاته المُبهمة هائماً

أتخيَّل لأنام :
"سحابة .. إثنين .. ثلاثة ..
كستناء...
...
كستناء
..
كستناء
........... "

18‏/08‏/2012

شىء من حياة



قبل أن تنفذ اللحظات ... قبل أن تتبخر
قبل أن يختفى كل شىء
كانا

وكانت حرب
حرب ضربت حوائط البيت
ضربت قلوب جل ما كان يشغلها هو : متى سأحتضن هذا الكف وأنا نائم ؟

حربٍ نثرت الرماد واللون الأحمر على كل شىء
ولطخت أثواب الفتيات بالوجع والتمريض والدمع
فكنّ جنود كذلك
يحملن الضِمادات

 وكان البلد .. الذى عجّ يوما بأصواتِ باعةً جائلين
ومعارِك على أُجرة تاكسى
وطريق مفروش بالزهر تحت أقدام المتخرّجين حديثاً

كان بلد
و صار .. دمعة وإسما
صار .. نهراً متهالِكا
ذابت فيه رصاصات لا تحصى .. فأحالت لونه للرمادى الداكن بلون الحزن
وأرهقته دمعات الأحبة على الراحلين
فإنكمش .. وصار حلماً لما قد مضى

قبل أن يختفى كل شىء
كانا

وكانت السماء زرقاءٍ عليهما
كانت الشُرفة لا تُغلق
وكان عن أسفلها لا يرحل
وكانت إبتسامةٍ خجلى تُحلِّق كل يوم بين قلبيهما

اليوم
إختفى كل شىء
وبقى الوجع فقط
وشىء من حياة

16‏/08‏/2012

هاتِفٌ غبىّ





عَبرة تُريدُ أن تنحدر ولا تستطيع
لفتاة تريد أن تكون أشياءً كثيرة فى آن ولا تستطيع
فى عالم يحاول أن يتمالك نفسه ولا يستطيع

العالم ينحدر .. والفتاة تنحدر .. والدمعة لا تنحدر

وغِصَّة مُعلَّقة بين البوح والكتمان
بين نفسٍ عميق .. أو تنهيدة
بين الأرض والسماء .. تُشنق
وتبقى فى حلق الفتاة

الفتاة تشعر بالدوار
.. يوجد بعض الغربان المُحلِّقة فى وجدانها
هى لا تملك نوافذ برأسِها
رأسُها يعُجُّ بضجيجِ غربانٍ قبيح .. وبـ بُخارٍ حارِّ و رطب

أجفانٍ مُثقلة رغم الصباح
وصوت يتكرر مردِّدا :
" لقد قلت لكِ .. تمالكِ نفسكِ إذن !
فلتفعلى مثلما يفعل الناس  "

وهى تُجيب بـ " وهل أنا كائنٌ آخر الآن؟! "

هم لا يفهمون .. وهى لا تزيد عنهم شيئًا
هى تقذف بهاتفها المحمول عرض الحائط فينكسر إلى ألف قطعةٍ وكلمة لم تُنبس بعد

ألغت الميعاد بحجَّة الدوار والتعب
لم تتمالك نفسها .. بل أثقلتها بأحمال تفوق على ثِقل الدمعة .. دمعتين أو ثلاث

ذبابة ما حطت على يدها
همست " أخيرًا "
ثم إنهمرت فى البُكاء

13‏/08‏/2012

تنهيدة




* تنهيدة *

وإفتقاد لمساحة من الحكى الغير منوط بشرط أو موضوعٍ ليُحكىَ عنه حتى !

أتمنى لو كنت خُلِقت فى حُقبةٍ أخرى
تلك التى كان يمتطى الشباب فيها فراسهم ويختالون
وتُخبىء فيها الفتيات وجوههن فى براقِع مُطرَّزة بماء الذهب والخرز
أنام فى خيمة .. وأغسِل وجهى كل صباح بماء البِئر
وأتأمَّل أمواج الرمال الناعمة إلى أن أصل بعقلى ..الـ نقى حينها.. إلى حقيقة الكون والمكنون
هادِئةٌ روحى دائمًا .. لا تشوِّهها مُعاملات مفروضة أو حياة إلكترونية شكلا ومضمون
كل شىء طبيعى
نقى
وساكِن مُطمئِن

* تنهيدة أُخرى ! *

04‏/08‏/2012

يظهر كل شىء




يظهر الشوق حول عينىّ

يظهر الحزن .. الوافِر دوماً
 تظهر السعادة .. المطويَّة غالباً  إلى حين يُناسِبها الوقت
القلق من كل شىء يتحرك .. و القلق من كل شىء ثابت لا يتحرك

الأمل والرجاء فى أشياءٍ قد تكون بسوداوية الموت أحيانا
والتشاؤم من ابتسامةٍ لا منطقية تغتصبها السُخرية على شفتيّ سهواَ

يظهر كل شىءٍ حول عينى!
.. يظهر كل شىء

تُحلِّق إبتسامة
تنحدر دمعة
تنغلق أجفان على تمالُكٍ واهٍ ليس متماسِكا
تغمض عيناى .. حتى لا تبوحا عما يَفيضُ منهما لك !

يظهر كل شىءٍ حول عينى
يظهر كل شىء!

تظهر أنت
وردياً كنت أو رماديا
حول عينى
وهذه الأجفان المواربة إلا عنك
تغمض كما قلت لك
تغمض
وأغُمض ذاتى عن كل ما حولى بسببك
وتنكمش روح قلبى إلى ركنٍ منزوٍ مُظلِم

ما معنى الحاجة إلى شخصٍ ما؟
ما سبب تلك الحاجة ؟!

انا لدىّ رِئةٌ وقلب وكبد
لدى هذا الرأس وهذه اليد الباردة المرتعشة
لدى هذه الساقان التى تلتف ببعضها وتتكىء على الحُزن وتبكى

لماذا أُريد ؟
لماذا أحتاج ؟
لماذا لا أرى سوى ما تمحنى إياه تلك الأعين المحدودة
لماذا لا أتحكّم انا فيما يظهر حولها ؟!

حلمت منذ يومان بصدفةٍ خرج منها هذا المخلوق اللزج الوديع وما إن رآنى حتى إنكمش داخل صدفته ليحتمى
ما السِن المُناسب لـ تنبُت لى هذه الصدفةُ ؟

متى سيلفّنى حضن دائم .. لا أبحث عنه وإنما هو الذى يتشبث فى عُنُقى كى لا أرحل عنه أبداً
متى ستغمرنى مياه عذبه تملأ حوائط غُرفتى الأربعة
 وكلما جفّت خِصال شعرى قفزت من فوق صندوق ملابسى لأغطس من جديد فى الحلم الجميل

أريد تربيتة على قلبى لا تنقطع
المنح لا يجب أن يكون مشروطاً إلى هذا الحد !
أريد تربيتة على قلبى دون أن يكون علىّ دفع ليستةٌ مطوّلة من التظاهُر والوردية المُبتذلة لكى أستحقها

أنا أستحق عناقٍ غير مشروط
أستحق بأن أُقرر كيف تبدو عيناى .. لا بأن يُفرض عليها كل يوم نظرةٍ ما

يظهر كل شىء حول عينى
يظهر كل شىء
تظهر حاجةٍ إلى أحد ما

تظهر دمعةٍ ما
يظهر إنتظار ما
يظهر حزنٍ ما
 لا يبدو مُفارِقاً . . .

إنه النوم !



الفترة الأخير
أو الإسبوع الأخير تحديدا كان غاية فى الإزدحام
أحببته رغم التعب الذى أوصلنى إليه
اشعر بإرهاقٍ شديد
وبرغبةٍ فى النوم لعدة أيّام أصحو بعدها معافاة تماما جسديا وروحيا

بداخلى حكى
يتأجج !
يريدُ أن يغزل من القصص ما يزيد من تظاريز الكون سطرا
يضفى شىء من جمال وحُب
أريد.. أريد
لكم ما أريد

جفونى الآن تصرّ على الإنغلاق
وصلاة الفجر لم تقم بعد .. لذا فإنه لا نوم الآن عزيزتى عينى المسكينة
فلتصبرى كما صبرتى دوما وسيجازيكى الله خيرٌ من هذا النوم الذى لا يشفى الروح من شىء

حين يلتقمك الإرهاق .. وشعور الزحم بكلماتٍ تريد أن تلمِس بأقدامها ماء النبع
تكون .. كحالتى هُنا ..
 مُدلّاً بين سحابةٍ زرقاء تود الطير بك فتتلقفك من أرجلك
وبين نبع ماء تكاد تلمسة بأصابع يدك التى تدلّت بذراعها إلى الأسفل
 فى وضعية مقلوبة رأساً على عقب

الآمر يزداد خطورة
أرى بعض السمكات البرتقالية تطير حول رأسى الآن
وأسمع شىء من ضحكات وهمسات تشبه تلك التى كنا نتبادلها انا وأولاد خالتى حيث نبنى خيمةٍ من وسائد وبطاطين وننيرها بكشّاف

سأُحلِّق الأن
 لا يجدى هذا الكلام المُبهم اللا مغزى منه سوى تطبيق فكرة أننى هنا .. فى مساحة البوح المحببة لقلبى
 أتحدّث بهذى لا مبرر لا يُخرِج شيئا من بخار الحكى المكبوح بداخلى الأن

وسائد .. وسائد .. وسائد
أتمنى ان أكلها كـ غزل البنات
كم تبدو لى الآن كأجمل ما قد يُمكن أن أناله يوما

وسادة قطنية واتركونى فى العراء تحت هذا البدر المُكتمل وبضع نجمات

أتمنى أن أكون صبيّا لشىء واحد فقط
هو أن أنام فى العراء ولو لمرة واحدة فى العُمُر

سأهرب إلى منطقة نائية
وأخلع حجابى وألتحف السماء
وأنام لمدة أسبوع متواصل هكذا
لا حدود بينى وبين هواء الله
احصى النجمات حتى انغمس فى حلم لذيذ
أخ ياربى
 أريد أن أنام للأبد !

03‏/08‏/2012

مَـنـصـور




هذه القصة نُشِرت بتاريخ اليوم على موقع الجزيرة توك من هُنا
____


إزدادت سرعة الكُرة على المُنحَدَر
تقافزت عِدَّةُ أمتارٍ حتى إرتطمت بواجهة محلٍ يبيع ضروريات اليوم ولا شىء أكثر


" دخيلك يا منصور .. قِلّتلّك مليون مرّة ماتيجى تلعب بالطابة قِدام المَحَل "


يقترب صبىّ لم يتجاوز العشرة أعوام يرتدى شيرت رمادى وبنطال بيجامة وحذاءٍ مفتوح
يفرُك شعره فى خجلٍ مُصطنع لا يدارى شقاوةٍ تتوهّج من عينيه
 " اسف عمو .. هى يلى إجت هون من دون قصد "


يلتقط الكُرة بسرعة وينطلق مُسرِعاً قبل أن يوبِّخه صاحب المحل أكثر


يجرى منصور فى شارع بيته وهو يركل الكُرة مُدندناً
 " لبيك اسلام البطولة كلنا نفدي الحمى 
لبيك واجعل من جماجمنا لعزِّك سُلَّما
لبيك ان عطش اللواء سكب الشباب له الدماء " 


يقف على أعتابِ منزله
يمسح حذائه فى خِرقةٍ وُضِعَت على الأعتاب
ثم يتأبّط كُرته وينفِض ما عَلَق فى ملابِسِه من غُبار


" أنا إجيت يُمَّة "


فيأتى ردُّها من أقصى المنزل
" تعا يا ولدى ساعدنى بترتيب الفطور ..
 بعده بيَّك ما إجا "


يتأفف قليلاً أنه مازال يتبقى ساعةٌ كامِلة على آذان المغرب
يمسح على حلقه الجاف ويتمنّى شربة ماء
ثم يتمالك نفسه أنه قد " فات الكثير وما بقى غير القليل "


يدخُل المطبَخ ويناول أمه بعض الصُحون
يكنِس جلسة الإفطار ويعيد ترتيب المساند والوسائد حولها جيداً
يضع الطاولة الخشبية قصيرة الأقدام فى المُنتصف ثم يُرتِّب عليها الملاعِق وأكواب التَمر


يجلس هو ووالدته على مائدة إفطار كان أكثر ما عليها هو الخُبز والتمر والماء
يسأل :
" بيّى خرج مع عمو صالِح اليوم ؟ "


تنظر إليه بنصف عين وتتلهى بإعادة توزيع أدوات الطعام القليلة للمرة ثانية
" ما بعرِف "
جاء ردُّها يُظهِر أكثر مما يُخفى


لحظاتٌ من إنتظار ثُم ينطلق المذياع بالأذان
يلتقط كوبه وينظر نظرةً أخيرة على الباب علّ والده يدخُل فيلحق الإفطار معهم
ولكنه لم يكن هُناك
وضع ترف الكوب على شفتيه
" اللَّهُم لك صُمت وعلى رِزقِك أفطرت "


ينفجر الباب خلفه بركلة والده الذى دخل مُلثما مهرولاً تجاههم
" إنقلعوا برّة البيت !! بسرعة ! "


يسحب الصبى بيد وزوجته باليد الأخرى قبل أن يتمكن الفتى وأُمِه من فهم ما يحدُث


فى باحة المنزل الخارجيّة .. ما كادت أقدامهم تطأ خارِج الباب
حتى سمِعا دوىٌ تكاد تُصفِّر منه الآذان


لم يدر منصور ما يحدُث
كل ما رآه هو نيران فى كل الأرجاء
صوت والدته تصرُخ " يا الله!! "
وصوت والده يبح من فرط صراخه أن " إركضوا !! "


شعر بسخونةٍ لا توصف تلُف جسده
وتزيد من جفاف حلقهُ الصائِم إلى الآن
وشيئا فشيئا بدأت ألسنةٌ من النيران تلتهم ساقه اليُمنى


ظلامٍ وسكون .. رغم أن الالم الذى كان يشعر به لم يسكن مُطلقاً أو يهدأ


ومع اول وهجٍ من نور لَمَحه .. لم ير أى وجهٍ مألوف
" وين إمّى وبيّى ؟ وين أنا ؟ "


ثم إرتاع لهذا السوط من الألم الذى لاحظه فجأةً يَفتِك بساقه
رفع رأسه بينما دمعه ينهمر ليكتشف أنه بمشفىً ما .. لا يدرى متى وكيف وصل إليه
يحيطه عددٌ ليس بقليل من الرجال الذين لا يبدون كأطباء
هم أهل الحىّ .. ومابقى من الجيران بعد قصف الجيش النظامى على بيوتِهِم بالمدافِع الثقيلة
أول وجه يُميزه من بين دمعاته المُستمرة لا إرادياً من الألم فى الإنهمار
عمو صالِح  يحكى بعصبية شديدة أن النظام بدأ يستهدِف الأحياء الآمِنة الفقيرة بحلب
وان حيّهم لم يكن الاول فى خطة تفجيرات وقصف اليوم


شد أحدٌ على يده
نظر فإذا به والده .. وجهه مُلطخٍ بالرمادِ والبُكاء المُترفِّع عن البوح
" وين أمه يابوى ؟ "


تهدَّج صوت منصور بالبكاء
ووالده لا يجيبه بمكان والدته


يشتد الألم فى ساقه
يبكى صبى العشر سنوات من الألم
يحاول الطبيب .. الوحيد الموجود بهذا المشفى المتواضِع إلى حدٍ بعيد .. أن ينزع شظايا القُنبلة عن ساقِه المحروقة من الدرجة الثالِثه
ألم يفتِك بجسد الفتى الصغير .. ووجعٌ على أُمٍ لا يدرى أين هى ولماذا لا يجيبه والده بمكانها
يصرُخ منصور باكيا ألماً  يزلزل بلادً بأكملها
" آآآه "
يردد والده عليه
" كيف ربّيناك يامنصور "
" إنت رجّال اليوم ما بيصير تبكى "
بينما تدمع عيناه هو الآخر لرؤية فلذة كبده يُعانى هكذا ألم


ينظُر منصور لوالِده باكياً
وكلما إشتد الالم ردّد مستصرخاُ
" فى سبيل الله "
" فى سبيل الله "
" فى سبيل الله "
________

القصة مستوحاة من هذا المقطع !


01‏/08‏/2012

رَصاصٌ وياسَمين



هذه التدوينة نُشِرَت على موقع الجزيرة توك بتاريخ 28/7



وَضَعت بعض الياسمين فى طبقٍ من الماء
هكذا إعتاد أن يفعل كل صُبحٍ بعد أن يتجوّل فى الحديقة المجاورة للمنزل

وضعت الإناء على مكتبه حتى تتعطّر الغرفة كانه موجودٌ تماماً


الجو غاية فى الحرّ
تُرى إلى مدىً وصل الآن ؟
 
ماذا يفعل فى موقِعه الساخِن هذا بجانب سخونة هذا الجو
كادت الدمعات تفرّ من عينيها لولا أنها رفعت من صوت قِراءة الشيخ
 لتهدأ وتطمئِنّ

**

كان جالساً بخلفية عربى نصف نقل مع عددٌ من الشباب الذين يُشابِهوه شكلاً ومضموناً وهدفاً 
يُتَمتِم ببعض الأياتيًطمئِن ذاته ويهدىء من روعها

يمسح بالشال الذى يربطه على جبينه بعض قطرات العرق التى إنحدرت على جانبى وجهه
يتأمل الدمار حوله .. بينما العربة فى طريقها تسير .. يزداد إيمانا واحتساباً
تتغير الايات تتدريجياً على لسانه إلى أدعية وحَسبَنات على الظالمين
ورجاءٌ بالفَرج والنُصرة
**

سلّمت وجهها يُمنةً ويُسرى
وطوَت سِجّادة صلاتِها .. ثم جلست ورفعت يديها
وكان هو / هم .. فقط محور دُعائها

**

توقفت السيارة وما تبعها من ثلاث سياراتٍ أخر
كُلٍ تحمِل ما يتراوح بين الخمسة عشر إلى العشرون رجلاً
وكلٍ منهم يحمل بندقيةً أو رشاش على كتف .. وعمر ودعاء أحِبةٍ على الـ كتف الأُخرى

نظراتهم .. وخطواتهم .. وكلامهم القليل
يعرفون لماذا جائوا هنا
 
و ماذا سيفعلون لاحقاً

ترى الإيمانُ ينبض فى ملامِحِهم

**

نزعَت سلك هاتفها حتى يكفّ عن زلزلتها كلما رنّ بإلحاح المُتطفّلين والمُساندين والمُشجعين واللائمين وغيرهم

فتحت شُرفتها على مصرعيها 
نظرت بعيد .. بعيد .. إلى حدّ السماء
علّها تتجاوز ساعة فارِق التوقيت بين محلّها ومحلّه
ترى هل مازال ..؟ أم إرتفع ..؟
إقشعرّت بإرتعاشة لم تفارقها فـ بَكَت**

كان الرصاص على أشُدَّه لحظتها
لم يكن يستوعب أن الفارِق بين الواقِع و ما يُعرَض فى شريط العاجِل فارِقٌ شاسِع إلى هذا الحَد
فكَّر فى خِضَّم الإشتباكات كم ان القنوات الإخبارية تختَزِل الواقِع وفداحته فى تقريرٍ قصير مهما طال لا يُعبِّر عما يحدث بالفعل

**

تُغلِق التلفاز .. تقول فى نفسِها
" هذا الكدر من الصورة لا يحمِل إبنى بين طياته "
" الصورة منقوصةً مخذولة "

**

لأول مرةٍ يُجرِّب الأمر فى نطاق ما يتجاوز علامات الإستهداف الكرتونية والزجاجات المتراصّة كـالـ نَشَان
فقد أطلق قنبلة بمدفعه فى إتجاه مصدر النيران المفتوحة عليهم
..
إنفجار !
..
دوىٍ مرتفع !
..
" الله أكبر .. الله أكبر "
كانت تجربته الأولى .. وهدفه الأول .. صائبا
**

يارب اللهم لك الحمد حتى ترضى .. ولك الحمد إذا رضيت .. ولك الحمدُ بعد الرضا
يارب برحمتك وقدرتك أنصرهم وردَّهم إلينا سالمين منتصرين إن شاء الله

**
سقط زميله برصاصة فى العُنُق
رددّ الشهادة مراراً حتى ظنّه لن يموت  .. ولكن روحه إرتفعت إلى البارئ لتزداد الأرض خصوبة بدماءه ولِتُزكّى روح المقاومة بينهم
دمعت عيناه بالغضب والإصرار .. وإنتفتضت عزيمةً بدُعاءِ أُمِّه الذى وصله رغم كَم الدمار والغُبار الظالِم فى هذا الهواء

..
لحظة إن أردنا تسجيلها على ساعةٍ رقمية ستبدوا بأنها إختلافٍ بين رقمٍ ورقم فى عدّاد الثوان
ولكنها كانت لحظةً بدهر .. هكذا مرَّت عليه

تساقُط زملاءه عن يمينه ويساره
صوت المدفعيّة الموجهة صوبهم كما لوا كانوا بناياتٍ ضخمةٍ لا أفراد جيشٍ .. حُرّ !

إمتزجَت دمعاته بعرقه وبـ دم الصديق الذى مسح على وجهه
إرتكن بظهرِه يرتعش يكادُ يبكى بصوتٍ عالٍ  من الخوف
 خوف الشجعان حين يسبق صحوة البسالة
تأكد من مشط الرصاص برشّاشه .. ليس بكثيرٍ تبقّى هناك
تماسَك
وكبح دمعه
يكاد يكون قد وبَّخ نفسه على هذا الذعر الذى تسرب إليه من ثقوب الرصاصات الكثيرة التى أُطلِقَت صوبه منذ وطأ هذه الأرض

تذكَّر كمن يُعيد شَحن طاقته كلمات أمه الأخيره له
" عُد مُنتصراً بُنى "
" إنتَصِر وإن لم تَعُد "

يمسحُ على سلاحه الذى نظّفته له
يتشبّت بما بقى من رصاصٍ فى خزينته
علّها تكون إحدى الرصاصات التى لمست يدها .. بينما كانت تُعِدُّه للرحيل

كل هذا الزخم الشُعورى تجاه كل ما آحَبَ يوماً
والدته .. بلده الأول .. حديقته .. ياسمين كل صباح .. إبنة الجيران .. سوريا .. قرار الحرب و الرحيل
البُندقية الأولى .. طلقة الرصاص الأولى .. أول رفيقٍ شهيد
العدو الظالِم
الوطن الواحِد
.. الله
.. الله
" الله أكبــــــر !!! "
قام يزأر كمن يهجُمُ على فريسةٍ سهلة
مُفرِغاً رشّاشه فى  جنود النِظام

***

مدّت يدها إلى قلبِها وإبتسمت
بينما إنهمرت شلّالاتِ الدمع من عينيها مُردِّده
 " الله أكبر الله أكبر "