02‏/07‏/2011

.... جـــنــــــس ثـــالـــــــث




أتذكر أول مرة شاهدت فيها منظر دموى فى التلفزيون ..

كنت أعلم ما هى إسرائيل وقتها .. ماذا تعنى الحرب ,, ما معنى القتل والدماء والإستشهاد
كنت أعرف تلك المفردات .. ولكن عقلى القزم ببرائته لم يستوعبها فعليّاً وواقعيّاً .. !

كان المشهد عبارة عن أشلاء يخرجها بعض الأهالى من تحت أنقاض منزل متهدم ... تجلس إمرأة عجوز على مقربة منه وتصرخ باكية.. ولم أفهم من كلامها سوى كلمة العرب  ... !!

أتذكر معرفتى بأن هؤلاء الناس فلسطينيون  .. وأن الأشرار المسئولين عن هذا البكاء والألم والموت هم الإسرائيليون ... !
ظننت حينها أن الإسرائيلى هو شخص يفتقر النظافة والهندام .. لذلك كنت أحملق بتركيز فى الوجوه على الشاشة علّنى أرى الإسرائيلى
علمت عندما كبرت أن هذا الإعتقاد الخاطئ كان مبنى على إستعارة أمى بأنهم  الأوساخ ... !!
ويالها من إستعارة صادقة !


كلما زدت عمراً .. زادت محصِّلتى من المشاهد الدموية .. 
بعضها علق فى ذاكرتى حتى الأن ... ولن تنمحى أبداً

أتذكر أوبريتّات  الحلـــم العـــربــى  التى كانت تصيبنى بهيستيريا البكاء

أتذكر - كالعالم كله - الدرة وعدم قدرتى على النوم لأشهر دون أن أرى صورته وهو يبكى ووالده يلّوح بيده راجياً الرحمه فى مخيلتى ...و أتذكر تلك الفتاة بصراخها المفجوع وولولتها على أهلها الملقين قتلى بجانبها فى الرمال
أتذكر ريــــــــم  الفتاة الفلسطينية بفصلى وحكاويها عن الزيتون والبلاد التى إحترقت فى أهلها  ..!

أتذكر كل هذا .... وأرى كل هذا ..... وأعلم ما وراء كل تلك الفوضى !!

فى الخلف العدو !! ... عدونا منذ قديم الأزل .. وسيظل حتى يوم الدين ... عدونا .. !!
كنت ولا زلت أعلم مدى وساخته .......!

ولكن مالم أكن أعلمه أن هناك ما هو أسوأ من ذلك ..
هناك ما هو أسوأ من هذا العدو الذى إختلف عنّا ديناً , وخُلُقاً , وثقافةً , ومبدأً, وفِكراً  , وإيماناً وإستراتيجيةً , وتاريخاً .. !
هناك ما هو أسوأ .. !!! !!!!


الأسوأ هو هذا العدو الذى لا يصحّ أن يكون كذلك
يشبهك .. يأكل من نفس طعامك .. وينام تحت نفس السقف الذى يأويك ..!
لغته لسانك .. يحمل نفس إسمك ....!

عــــــــــــربـــــــــــــى !!!

ولكنه إختار أن يسير فى طريق يجمعه بعدوك ويجعل من نفسه الأسوأ
فهو شقيق لك .. ولكن سيفه على عنقك ! .. إرتضى أن يسيل دمك على يديه بلا نبض يعيد ترتيب أوراق ضميره السوداء ..!
تنصّل مما قد يجمعك به تحت نفس المسمى .. وسار تحت سماء الأوساخ .. !
لم أرى مشاهد من هذا النوع وأنا صغيرة .. رأفةً من ربى
ولكننى رغم عقلى الذى إتسع وفقد برائته وسذاجته .. لا أفهم هذا النوع من البشر حتى الأن
ولا أريد أن أفهم هذا الجنس ..... فهو لا يمت لى بصلة
... !

هناك 3 تعليقات:

  1. حسام يحيى7/02/2011 11:40 م

    مذهل !
    من أفضلْ ماقرأت لكْ !

    ردحذف
  2. شكراً ياحسام :)

    ردحذف
  3. تحفــــــــــة فى كل مرة بتتفوقى على نفسك يا نيللى :)
    AMAZING JOB BGD <3

    ردحذف

همسًا حدِّثُني ..