05‏/04‏/2012

خـِـــــمارٌ أزرق




كانت تَختَبِىء منه
خلف الصناديق التى ملأت كل أرجاء الدار

الوقت كان قُرب الغُرُوب
والجو المُعتِم الأزرق يُشِعرُك أن هُناك شيئاً ما رَطبٍ مُقَزِّز يَزحَف إلى دَاخِلك

سَمِعَت خُطُواتِه
إرتجفت ..
وإنطَوَت على نَفسِها أكثَر وضمَّت ساقيها بِذراعَيها كأنَّها تَهَرب مِن المُوت

 _ كأنها .. ؟  _

ضجيج .. واشياء تسقط على الأرض
تعلم أنه أتى فقط ليأخذ سلاحاً أو أكثر من صناديقه _ التى تؤرق منامها إن وُجِد

كتمت أنفاسها حتى سمعت صفعة الباب .. ثم تنفست كمن كاد يغرق

  لقد خرج !

هى تعرف أنه الان مع مجموعته الخاصة
سيركبون عربات الجيب مفتوحة السقف وهم يهللون كقبائل بربرية
هى تعلم ذلك
رأت هذه المشاهد كلها من قبل

سينتزعون حُرمَة بيتً أخر اليوم
فقط لعدم قبول رَجُلِه العمل معهم فى إقامه حدود _ أبعد ماتكون عن حدود الله

بلا تجمُّل هى حدود السيف !
لا أكثر !

يَنصّبون أنفسهم قُضاة ديِنٍ وعَدل بالإرغام .. ولكنهم لا يَعرِفون سِوَى الدَمّ والعويل

يرجمون النساء اللاتى يكشفن وجوههن أو يخرُجن وحدهن بلا زوجٍ أو ولد
هراء .. وجهل!
يقتلون من لا يتبعهم .. أو يوافقهم .. أو يدفع إتواة حمياتهم من الذئاب
وهُم الذئاب !

ارواح تُقتلع وتُذرَف هباء كــ ورق الشجر فى الشتاء
كثيرة جداً .. ولا يبال بسقوطها أحد

تَذكُر حين فعل المِثل مع والِدها
تذكر حين نظر إليها كما لو كانت قطعة من اللحم المشوى التى أثارت جوعه أكثر
تذكر أنه من حينها وهى زوجته .. كراهيةً !!
وتذكر عائلتها التى لم يبق منهم احد
..  فقط ليضمن أن أياً منهم لن يأخذها أو يأويها أويحميها منه !


يصرُخ فى رجاله فينهالوا على منزلٍ حقير من الطوب اللبن من كل جانب كالصرعى
يكسرون الباب
ويخرجون كل من شاءت الأقدار الحزينة أن يكون من سُكَّان هذا الدار

يَجُرُّون النِساء من شُعورَهُن .. وكذلك الأطفال
ويعدموهم امام الرجل ليتحسَّر .. ثم يقتلوه ضاحكين ويُضرِمُون فى منزله النيران


هذا جزاء من يخالف كلام وأوامر " فِهرَان " و رجاله
  هو العُرف قد أصبَح !
و هى الحياة الطبيعية جداً فى هذا الجزء من افغانستان

 جزاء من يُخالف القوانين
  أو يُقدم على فعل شئ من المُحرمات التى وضعها " فِهرَان " لِحُكم تلك المنطقة !
دِمَاء .. وإِنتِهَاك .. وإستِعبَاد

  حتى منتصف الليل
يحتفل الرجال بإطباق قبضتهم اليوم أكثر
وقد شعروا بنشوة الدماء
فيدخنون التبغ الملفوف
ثم يعود كل منهم مترنحاً لأمَتُهُ  !


تسمع صوت الباب يُفتح بعنف كالعادة
فترتعد لِما تعرِف أنها مُقبِلةٌ عليه
يضربها لسبب لا تعلمه
وينام

تظل مستيقظة
مرتعشة كريشة وسط الريح
هى لا تبكى .. لا
هى فقط تنتظر
تنتظر شيئاً جديداً سيحدث اليوم
أياً كان جيداً كان أم سيء
هو فقط جديد
ثم أنه ...

لا شىء أسوأ !

ترتدى خمارها الأزرق .. وتحمِل ألمها وتمضى

تتسلل وتهرب مع أول لمسات الصُبح
ولا تعبأ فى الواقع لتبعات هذه الفعلة

لا تعرف لِمَ لَم تُقدِم على هذه الفعلة مبكراً عن الان
قد تكون لم تفعل لأنها تعلم جيداً انه سيجدها اينما حلَّت بخطواتها البائسة الضالة
وسيرديها قتيلة بلا أدنى شفقة أو أسى

قد يكون هربها ذلك مجرد محاولة إنتحار خَجِلة !

نعم!

هى خطوة إنتحار .. تمشيها على إستحياء



مُنتَصَف اليوم التالى
  .. كان خِمارها الأزرق مدرَّجاً بالدماء ..
دمائها ! !



إنتهى!
______
_________________


موضوعى فى حدث الكتابة
ألـــــوان

هناك 12 تعليقًا:

  1. حسام يحيى4/05/2012 11:47 م

    مش مبسوط من " فِكرة التدوينة " بغض النظر عن مبالغات الأفلام الغربية حول " مواقف طالبان " من الحجاب والنساء الأفغانيات
    فالصورة لم تكن بالعتامة الشديدة التى وردت بها هنا
    وإن كان النص الأدبى ثرياً جداً ، إلا أن فكرته لم ترق لى :)
    -
    توضيح : الإسلام لم يقل افعل هذا ، ولا " فِهران " كنموذج لإسلاميي " أفغانستان " لم يفعل هذا :)
    هذا مافعله الذين روجوا لما يفعله " فِهران " الذى لم يكن موجوداً إلا فى مخيلتهم ،ومن ثم قاموا هم بصبغ " الأحمر " على جثث " آلاف الشعب الأفغانى " وعشرات آلاف الشعب العراقى
    تحت دعاوى " إنقاذهم من " فِهران ".

    الشعب الأفغانى فى ظِل " قرضاى " يفتقد " فِهران" رغم مساوئه :)

    ردحذف
    الردود
    1. الإرهاب موجود .. ويسيل بكل حرية على هذه الاراض خاصة لعدم مسؤلية انظمة الحكم هناك
      هذا فقط ما تم التعبير عنه فى هذه الكتابة .. على من يعربدون ويتملكون البلد قهراً !
      التدوينة عن إرهاب العصابات الذى هو موجود بحق لا هراء

      اشكرك لمرورك ورايك ياحسام :)

      حذف
  2. حسام يحيى4/05/2012 11:58 م

    نعم نوعاً ما متفهم وجهة نظرك التى تم توضيحها لكن النص يتحدث عن " فرض الحجاب بالقوة وخلافه " و " حشر تطبيق حدود الشريعة " فى عملية " الإرهاب تلك ، مع أن الحدود لايوجد خلاف فقهى على مدى شرعيتها وصحتها
    الخلاف فقط الآن حول " وقتها " .
    عامة ، الخلاف فى الرأى لايفسد للود قضية
    " متحفظ على فكرة التدوينة ، ومُعجب بأسلوبها النثرى السلس "

    ردحذف
    الردود
    1. احترم رأيك .. وحزينة لخسارة إعجابك :)
      شكرا جزيلا لمرورك نورتنى ~

      حذف
  3. موجعة هي فكرة ان يختار لك احدهم لونك ودينك وملبسك ومأكلك وكأنك فأر تجارب لديه لا اكثر ..مؤلم هو انتزاع الحرية من احدهم إلى حد الإختناق وبعيداً عن السلطة الدين مودة ورحمة وادعوهم بالتي هي احسن ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك وهذا مانفتقر له في وقتنا هذا كان الازرق هنا مؤلم ومجع حد الألم

    ردحذف
    الردود
    1. لمسة من واقع مؤلم أكثر للأسف !

      حذف
  4. مؤلمة أوى .. أسوأ ما يكون فكرة الحبس و الارهاب و القهر دى!
    أنا الصراحة بخاف بس أفكر فى الحياة هناك .. من كثر ما سمعته و شاهدته و قراته عنهم .. مجرد فكرة حياة بمثل حياتها مرعبة! و الأسوأ استخدماهم للدين كستار

    تدوينة رائعة رائعة رائعة !!

    ردحذف
  5. الاسلوب جميل
    الفكرة ممكن تكون واقعيه لكن حقيقة وجودها فى افغانستان من طالبان او غيرها !!

    لكن موضوع التطرف موضوع مهم يمكن مش حسينه اوى هنا لكن هو موجود بمستويات


    دمت بخير نيلى

    ردحذف
  6. :( نعم!

    هى خطوة إنتحار .. تمشيها على إستحياء

    نهاية واقعية جدا للأسف
    أسلوبك فى التعبير أضاف للفكرة كتيييير
    :)

    ردحذف

همسًا حدِّثُني ..