11‏/07‏/2012

حُمّى جُنـون







بيدٍ مُلطَّخة بِحُمّى الخَلقِ الجديد

يدٍ محمومة بـ رسم وجهها

شفتاها .. عيناها .. خصال شعرها

مسح جبينه المبلل بالعرق البارد


لا يدرى كم مرّ عليه هناك
كم يوم؟
كم عُمرٍ مضى .. يرسُمها ؟




كان يغفو على كرسيه الخشبى بملابسه الملطخة كحال وجهه ويداه دائماً


ساعتان كأقصى تقدير

ويصحو كالممسوس يهرول بفرشاته جيئة وأيابًا

كمن رأى تفاصيل جديدة فى الحلم يريد أن يصبها على اللوحة قبل أن تتطاير فى الغبار



الأن وقد أنهاها

هى التى لا نهاية ولا أول لها
شعر باليُتم !
ينظر فى وجهها المُعلق على لوحة الرسم أكثر مما ينظر فى مرآته 


يتحرك فى قلق

يشعر بعجلٍ مالا يرى أى شىء

لا يدرى أى شىء .. إلّاها

لن يرسم أبدأ بعد ذلك

هى مباراة إعتزاله
التى بنهايتها .. إنتهى !

ينفث دخاناً عصبيًا
 _ لا يذكر من طول الفترة متى إستبدل به أى طعام _
وكأسٍ من نبيذ لا تفارق يداه
يمضى الليل كله أمامها
لا تغمض له عين
يخافها ان تنسكب عن الورق كما إنسكبت من بين أنامله
يبكيها
يلعنها
يمسح عيناه بيديه التى لم يعد يهتم بمسح جرائمه عنها
فيصير وجهه مشبعاً بلونها وجُرحها
جُرح رحيلها .. جُرح ندمه الذى أصبح كما ندبة تمتد على جسده بأكمله

ينزع اللوحة
يحتضنها
وينام على الأرض العارية لمرسمه
عل برودتها تطفىء ما يتأجج به كالحمّى المنصعرة
ولكن الأرض تمتلىء بحرارته ووجعه
فيمسى نائماً على فوهة بركان
يتصيد لحظة بكاءٍ لينفجر بلا إنقطاع !
ويملأ الارض ناراً وألواناً ممتزجه من الجنون والعشق !

ملامحها الأن متداخلة
كما تداخلت وإمتزجت بشرايينه وأوردته
دمعه وعرقه .. بكاء جسده عليها
جعلاها تختفى شيئًا ما عن الورق
وتنتقل لتوشم نفسها على جلده

بكاءه الدائم كوليدٍ جديد
جعل اللوحة لا تكتمل بلاه قربها
نائما يحتضنها كطفلٍ صغير يتمسك بأمه ألّا ترحل
يضم اللوحة .. يضمها
علّها تعود للحياة وتتجسد وتبادله العناق

اللوحة إكتملت
 فى كونهما معاً بهذا الشكل على أرضِ المرسم
هى بملامِحٍ متضاربة من فرط بكاءه بين خصلاتِ شعرها التى رسم
وهو .. باللون الذى إنتفض منها وإنتقل لوجهه ويديه

إكتملا
بالألوان الممتزجة وفوضويتها
التى .. وحدها .. جمعتهما بصورةٍ ما

فتشكلت منه/منهما ... وبه/بهما
مجزرة حُزنٍ فى مشهد لا يكفى لوصفه فرشاة أو قربان روح

هناك 4 تعليقات:

  1. اللوحة اكتملت و توارى القبح بعيدا عنهما حتى مجزرة حزنهما تنبض جمالا شجيا
    الجمال قلوب تعزف على وتر الوجد
    رائعة و رهيبة دائما أنتِ يا عزيزتي
    لكِ قلم مبدع

    ردحذف
    الردود
    1. اشكرك عزيزى مصطفى
      دامت طلّتك

      حذف
  2. مساء المكان وما حوى
    الأخت الفاضلة
    " نيللي "
    :
    مشاهد متعددة رسمتيها هنـــا
    بعيداً عن رسام اللوحة !
    لقد استطعتي أنتِ ان تتصوري و تُصوري
    مشـاهد متأججة من صُنع الوجدان !
    يا بؤس هذا الرســام
    حروفكِ قوية ، مُرتبة ، مُسلسلة
    تعانق شهقة السحـاب
    تحية و تقدير .

    ..
    ..
    ..

    أحمــ سعيـد ــد

    ردحذف
    الردود
    1. أسعدتنى كلماتك أحمد
      أشكرك

      حذف

همسًا حدِّثُني ..